"الفايسبوك"...غول إلكتروني اقتحم البيانات والخصوصيات ونسج علاقات وطيدة مع "الموساد" و"C.I.A"
اقتحم العالم الافتراضي "الأنترنت" عقول وقلوب جل المغاربة وبدون استثناء، كبارا وصغارا رجالا ونساء...وكل فئة من المجتمع المغربي تلج البوابة الإلكترونية التي تستهويها...لكن الملفت للنظر أن جميع هذه الفئات المجتمعية بالمغرب تلج نظام/موقع التواصل الإجتماعي الـ"الفايسبوك" وبشكل مرضي حسب المتتبعين، حيث تحول الإقبال على هذا النظام إلى إدمان بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فتجد الموظف والعاطل، الشيخ والصبي، المثقف والأمي... يمثلون جميعهم خلطة عجيبة في تبادل قوي للمعطيات والبيانات والتفاعل المستمر دون حواجز علمية أو طبقية، حيث الجميع سواسية أمام هذا النظام الإلكتروني الغريب في تبادل واضح للبيانات الشخصية.
من جهة أخرى، أصبح الفضاء الأزرق يحتل حيزا زمنيا مهما في حياة المجتمع المغربي وفق آخر الإحصائيات، وتحول الأخير إلى أخطبوط حقيقي بقاعدة بيانات ضخمة لا تتوفر لدى أعتى الأجهزة الإستخباراتية.
فكيف نشأ هذا الأخطبوط الالكتروني؟ وما علاقة "الفايسبوك" بأجهزة المخابرات وأساسا "الموساد" الإسرائيلي؟ وما هي آثاره الإجتماعية السلبية منها والإيجابية؟
كيف تم إنشاء موقع "الفايسبوك"؟
الفايسبوك هو ( نظام ) موقع إلكتروني متخصص في الشبكات الاجتماعية والتواصل فيما بين أعضائها، وأنشئ بتاريخ 4 فبراير 2004 من طرف الطالب بجامعة هارفارد "مارك زوكربيرج"، ويقدم خدمات تعارف وتحميل ملفات وصور.
كما أنه يقدم إمكانية عمل مجموعات من الأصدقاء تحت عناوين لمواضيع مشتركة، ويقدم هذا الموقع كذلك خدمات في مجالات العمل والتعليم وغيرها...ويلزم الموقع الأفراد أوالمجموعات الراغبة في الإستفادة من خدماته بالتسجيل لدخول الموقع وتصفحه، ويعد موقع من أكثر الشبكات الإجتماعية انتشارا على "الأنترنت" حيث وصل عدد مشتركيه ومستخدميه إلى ملياري شخص أي ما يناهز ربع سكان العالم، أما في المغرب فقد وصل عدد مستخدمي 'الفايسبوك" إلى 18.5 مليون مليون مستخدم في سنة 2016/2017.
وجاءت فكرة إنشاء هذا الموقع من طرف " مارك زوكربيرج " وهو طالب آنذاك بجامعة هارفارد الأمريكية، الذي فكر في إنشاء موقع يهتم بحياة الطلاب داخل الجامعة، وقدم المشروع لإدارة الجامعة التي رفضته جملة وتفصيلا، ليضطر " زوكربيرج " إلى الاعتماد على إمكانياته الذاتية وكذا إمكانية بعض زملائه بالدراسة، حيث قرر مؤسس " الفايسبوك " أخذ المبادرة وإنشاء موقع إلكتروني يجمع زملاءه بالجامعة ويتيح لهم فرصة تبادل الأخبار والصور والآراء في مختلف الموضوعات، وهو ما استطاع إنجازه في فبراير من سنة 2004.
وسرعان ما انتشر الموقع ولاقى رواجا كبيرا بين طلبة جامعة "هارفارد" بالولايات المتحدة الأمريكية، واكتسب ( الموقع ) شعبية كبيرة، حيث شجعت هذه المعطيات مؤسس "الفايسبوك" ودفعته إلى التفكير جديا في توسيع مشروعه عن طريق توسيع قاعدة من يحق لهم الولوج إلى الموقع، لتشمل هذه القاعدة طلبة جامعات أخرى، وطلبة مدارس وثانويات يسعون إلى التعرف على حيثيات وتفاصيل الحياة الجامعية.
واستمر الموقع مقتصرا على طلبة الجامعات والمدارس الثانوية طيلة السنتين الأوليتين من إنشاءه، بعدها قرر فتح موقعه أمام كل من يرغب في استخدامه، وكانت النتيجة مدهشة حيث انتقل عدد مرتادي " الفايسبوك " من 12 مليون مستخدم في شهر دجنبر من عام 2006 إلى أكثر من 40 مليون مستخدم في سنة 2007، وهو ما شجع مؤسس الموقع على فتح أبوابه أمام المبرمجين ليقدموا خدماتهم للزوا، حيث دخل المؤسس في تعاقدات مالية مع معلنين ومستشهرين يريدون الإستفادة من قاعدة الموقع الجماهيرية الواسعة.
كل هذه المعطيات جلبت أنظار المستثمرين في صناعة المعلوميات الذين انتبهوا إلى السوق الضخمة التي تحققها شبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" عبر الأنترنت، حيث سعت مجموعة من الشركات للتعاقد مع مؤسس الموقع الذي تحول إلى أصغر ملياردير في التاريخ حيث جنى الملايير من الدولارات وسنه لم تتجاوز الثلاثين سنة بعد.
شروط الإنضمام إلى شبكة "الفايسبوك"
يتطلب الإنضمام إلى هذه الشبكة الإجتماعية مجموعة من الشروط، التي يوصي أغلب المتتبعين والباحثين رواد "الفايسبوك" بضرورة الإطلاع عليها قبل قبولها، ولو تطلب الأمر الاستعانة بمترجم... فمن ضمن الشروط التزام المنخرط الجديد بالإفصاح عن جميع بياناته ومعوماته، والإلتزام بصدقيتها (البيانات ) بما في ذلك التفاصيل الشخصية الدقيقة، كما يلتزم العضو بعدم متابعة المنخرط قضائيا إذا ما قرر الموقع نشر بياناته للعموم ولجميع مرتادي الموقع.
ومن ضمن الشروط المجحفة والتي غالبا لا ينتبه إليها المنخرطون عند الموافقة وقبول الشروط بتسرع، الشرط المتعلق بإمكانية قيام إدارة الشبكة بإغلاق حساب أي منخرط أو منخرطي بعض البلدان دون سابق إنذار، مع الاحتفاظ بجميع البيانات الشخصية للمنخرطين بما في ذلك رسائلهم الالكترونية وبيانات وصور أصدقائهم.
لكن أخطر شرط تضعه إدارة الشركة المسيرة لـ"الفايسبوك"، وبشهادة جميع المختصين والمتتبعين وخصوصا العرب، منهم هو الشرط المتعلق بإمكانية وأحقية الإدارة استعمال جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بمنخرطيها، مباشرة بعد موافقتهم على شروط الانخراط بالضغط على زر " OK" أو " accepter ".
والأكثر من هذا أن الإدارة المكلفة بتسيير هذه الشبكة الاجتماعية للتواصل، تعطي لنفسها الحق باستعمال هذه البيانات بما تراه مناسبا لمصلحة الموقع، وهو ما يطرح أسئلة حقيقية حول قنوات تسريب هذه المعطيات والبيانات ولصالح من يتم تحليل ومنح هذه البيانات والمعلومات ؟
الآثار الإجتماعية لشبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"
هناك اختلاف كبير حول موضوع الآثار الاجتماعية لهذا الغول الإلكتروني، فهناك فئة تدافع عن هذا الموقع وتعتبره متنفسا للمواطنين ومجالا خصبا لتبادل المعلومات وكسر الحواجز خصوصا في الدول الغير الديمقراطية...
في حين ترى فئة أخرى أن سلبيات "الفايسبوك" خطيرة وتشكل عبئا على متعاطي هذه الشبكة، وما بين الرأيين توجد مساحة رمادية غير مفهومة...لذا ارتأينا أن نضع سلبيات وإيجابيات الشبكة كما تعارف عليها أهل الاختصاص بين يدي القارئ وبدون تعليق، تاركين له الحكم واستنباط ما يراه ملائما من أحكام:
أ – الآثار الإيجابية لـ"الفايسبوك":
- يحقق التواصل بين الأصدقاء والأقارب أينما وجدوا في مختلف أرجاء العالم.
- التبادل الثقافي والعلمي وكذا الخبرات بين المرتادين.
- توسيع العلاقات الاجتماعية.
- انصهار الحضارات والانفتاح على العوالم الخارجية.
- تبادل أخبار العالم في كل المجالات.
- تطوير المهارات اللغوية.
- تعرية الأنظمة الاستبدادية.
- إجراء الصفقات التجارية والشركات.
ب – الآثار السلبية:
- الإدمان المرضي على " الفايسبوك ".
- مضيعة الوقت.
- أداة في يد مجموعة من الأجهزة الاستخباراتية العالمية.
- التحكم في الرأي العام الوطني والدولي.
- إمكانية انتحال صفة أي شخص وتشويه سمعته.
- نشر الأخبار والإشاعات الكاذبة.
- الهروب من واقع الحياة.
- الشعور الزائف بالخصوصية.
- تقليل المهارات الاجتماعية في ظل غياب التواصل المباشر.
- عدم إمكانية إغلاق الحساب ومحو البيانات والمعلومات الخاصة.
كانت هذه أهم الآثار الإجتماعية السلبية والإيجابية كما يقدمها المختصون في المجال المعلوماتي،لكن تبقى أخطر نقطة في هذا الجدل الدائر حول آثار "الفايسبوك" هي علاقة هذا الموقع بمجموعة من الأجهزة الاستخباراتية وخصوصا CIA الأمريكية والموساد الإسرائيلية.
علاقة شبكة "الفايسبوك" باستخبارات أمريكا وإسرائيل
يتكلم الجميع عن مسلمة مفادها علاقة المخابرات الأمريكية " CIA" بموقع "الفايسبوك"، وحسب هؤلاء المحققين والمتتبعين، فوكالة الاستخبارات الأمريكية " CIA " تمول هذا الموقع بهدف التجسس على الأشخاص واستقطاب العملاء والجواسيس، حيث أكد الدكتور "فيدور كراسيك" المتخصص في الأمن المعلوماتي الدولي بمعهد "راند" لأبحاث الأمن الوطني في سنتا مونيكا أن "الفايسبوك" يمثل منجم ذهب لـ "CIA ".
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان وضع " توم هود جيكنسون " أصبعه على علاقة مالية محتملة بين " CIA" و "الفايسبوك"، عندما كتب يقول : " ... أكبر تمويل للفايسبوك كان من شركة تدعى غرايلوك والتي ساهمت بمبلغ 27 مليون دولار وينتهي خيط التمويل مرورا بعدة شركات وسيطة إلى CIA ... ". كما أن هذه العلاقة طفت إلى السطح، مباشرة بعد المعلومات التي توصل إليها فريق التحقيق التابع إلى قناة "إم بي سي"، التي نشرت تحقيقا مر بكبريات عواصم الغرب، حيث يشير (التقرير) إلى هدفين أساسيين من هذا الإقتحام المخابراتي الأمريكي لعالم الأنترنت: أولا تكوين قاعدة بيانات شخصية دقيقة ونادرة، حيث تتبع العودة إلى هذه القاعدة لتجنيد عملاء ذوي بيانات شخصية دقيقة ونادرة، وتتبعت قناة " إم بي سي " خيوطا توحي بعلاقة جد محتملة بين " الفايسبوك " و " CIA " بدأت بـ"جيمس براير" الرجل اللغز الذي يملك نسبة 7 في المائة بالموقع ويشغل مهمة مدير المبيعات، وهو نفس الشخص الذي ترأس سابقا الرابطة الوطنية المتخصصة في رعاية المواهب، وهو كذلك عضو في مجلس إدارة "كيوتل" الذراع التكنولوجي لـ " CIA ".
والمعروف في الأوساط الأمنية، أن "جيمس براير" مقرب جدا من الدكتورة "أنيتا جونز" المديرة السابقة في "كيوتل"، والتي سبق وشغلت منصب رئيسة قسم الأبحاث والهندسة في وزارة الدفاع الأمريكية ( البانتغون ) والمرتبط ( قسم الأبحاث ) بمركز "داربا " للأبحاث الذي يعتبر ذراعا من الأذرع القوية بـ" CIA "...
كل هذه المعطيات، تشير وبالملموس حسب المتتبعين وخصوصا العرب منهم إلى العلاقة الوطيدة بين وكالة الاستخبارات الأمريكية " CIA " وشبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، وهذا ما يطرح شرعية التساؤل عن العلاقة بين "الفايسبوك" و"الموساد"...
فالجميع يعلم العلاقة المتميزة والخدمات المتبادلة بين " CIA " الأمريكية والموساد، حيث يرتكز المدافعون عن هذا الطرح (علاقة الموساد بالفايسبوك)على التصريح الذي أدلى به الناطق السابق باسم وزارة الداخلية الفلسطينية "م إيهاب الغصين " حين قال:"... للأسف كثير من المواطنين يقومون بكتابة كل ما يخصه... وتعطي معلومات مجانية للاحتلال الصهيوني ... حسب معلومات الأجهزة الأمنية... ومعلومات من قبل بعض العملاء... فإن الفايسبوك أصبح من أنجع السبل للوصول للمعلومة... واختيار العملاء من طرف المخابرات الإسرائيلية ...".
كما أن تحقيقا صحفيا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" سار في نفس السياق، حيث نقلت القناة عن "رونين برجمان" خبير الموساد السابق ومؤلف كتاب "الحرب السرية بين إسرائيل وإيران "قوله:".... إن الرصد والتعاون مع مواقع الشبكات الاجتماعية على الانترنت هو أقل ما يمكن أن تتوقعه من الموساد... إسرائيل تستخدم المعلومات الشخصية المسربة من داخل الفايسبوك ...".
تعليقات
إرسال تعليق